يسألنا أصدقاؤنا أحياناً عن الفرق بين الروايات الأصلية والأفلام التي اقتُبِسَت منها: هل توجد بينهما فروق؟
هذا هو الجواب.
عادةً تختلف الروايةُ عن الفِلْم الذي يُقتبس منها، وتعتمد درجة الاختلاف على مقدار الحرية الممنوحة لكاتب النص السينمائي (السيناريسْت). فإذا وافق المؤلف (أو ورثته بعد وفاته) على منح كاتب النص حرية التصرف فيه ليصبح أكثرَ ملاءمةً للفلم السينمائي فسوف يكون الاختلاف كبيراً. وفي هذا الباب حادثة تُروَى على أنها طرفة، وهي واقعة حقيقية، فقد حصل أن شاهد أحد الروائيين الفِلْمَ الذي اقتُبس من روايته فقال للمخرج: لقد أوحى لي هذا الفلم برواية جديدة سأكتبها وأقدمها لكم لتحويلها إلى فلم جديد!
وماذا عن روايات أغاثا كريستي؟ الملاحَظ أن الأفلام التي نُقلت عن رواياتها تشترك بِسِمَة عامة، هي حذف كثير من التفاصيل الدقيقة المهمة التي يستمتع قارئ الرواية بقراءتها، واختصار الأحداث الرئيسية، وتقديم بعض الأحداث على غيرها أو تأخيرها، وفي بعض الأحيان تُضاف إلى الفلم شخصيات جديدة أو تحذف شخصيات أصلية من شخصيات الرواية.
أما قصص شيرلوك هولمز فقد تعرضت لتشويه أكبر عندما نُقلت إلى أفلام ومسلسلات حقيقية أو كرتونية، ولعل السبب هو الحرية الكبيرة التي حظي بها مؤلفو المسلسلات وكتّاب سيناريو الأفلام نظراً نظراً لانتهاء مدة الحماية القانونية لشخصية شيرلوك هولمز بعد انقضاء أكثر من سبعين سنة على وفاة المؤلف، السير آرثر كونان كويل. ولعل أفضل النسخ السينمائية التي اقتُبست من قصص شيرلوك هولمز وأكثرها رصانة هي تلك التي أنتجتها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)
من أجل ذلك كله يصرّ عشاق الأدب الأصيل (ونحن وأصدقاؤنا -قرّاء “الأجيال”- منهم بالتأكيد) يصرّون على امتلاك وقراءة الروايات الأصلية، ولا تُرضيهم ولا تشفي غليلهم النسخ السينمائية التي اقتُبست منها.