لنتحدث قليلاً عن الورق أولاً:
يتفاوت ورق الطباعة تفاوتاً كبيراً اعتماداً على عدة معايير أهمها اللون والثخانة. وقد بقي الورق الأبيض هو الاختيار التقليدي لأكثر الناشرين العرب لما يقرب من قرن كامل، إلا أن أذواق القرّاء تغيرت في السنوات الأخيرة وباتوا يفضّلون ألوان الورق الأقل سطوعاً لأنها تمنح العين راحة أكبر مع القراءة الطويلة.
ونحن -كغيرنا من الناشرين- استخدمنا في طبعاتنا السابقة كلها الورق الأبيض العادي الذي يُستخدَم في آلات التصوير، واسمه الفني هو “offset woodfree white paper”، لكن نسبة متزايدة من قرائنا الكرام استمروا بالإلحاح علينا لكي نغير إلى اللون الكريميّ (اللون الأصفر الفاتح) فاستعملناه في الطبعات الجديدة من روايات أغاثا كريستي وشيرلوك هولمز، وهو أقل شيوعاً وأغلى قليلاً من الورق الأبيض التقليدي الشائع.
المعيار الثاني هو الثخانة (السُّمْك)، وهو معيار مهم لأنه يؤثر في جودة الكتاب المطبوع، فعندما يرقّ الورق تزيد شفافيته فيسبّب إزعاجاً للقارئ الذي تلتقط عيناه أثناء القراءة صورةً للنص المطبوع على الجهة الخلفية من الورقة، وبالمقابل يصبح الكتاب ثقيلاً مزعجاً إذا زاد سُمكُ الورقة كثيراً، لذلك يختار الناشرون الجيدون ورقاً معتدل الثخانة في كتبهم.
وأكثر الورق يتراوح سمكه بين عُشر ملّيمتر ونصف العُشر. ولكن الورق لا يقاس بسُمكه، وإنما بوزنه، فيوصف بأنه ورق من فئة 60 غراماً أو 70 أو 120 مثلاً، وهو الوصف الذي يدوَّن على ربطات ورق التصوير الذي نستعمله في طابعاتنا المنزلية عادة، فما معناه؟ هذا الرقم هو وزن المتر المربع من الورق، فإذا اشتريت ورق تصوير مقاس A4 كُتب على غلافه أن وزنه 80 غراماً فإنك تستطيع التأكد من صحة هذه المعلومة بأن تضع 16 ورقة فوق ميزان حساس، ويجب أن يكون وزنها ثمانين غراماً لأن المساحة الإجمالية لهذه الورقات هو متر مربع واحد.
الورق الشائع في طباعة الكتب يتراوح وزنه بين ستين غراماً وسبعين، فلا يَحسُن أن يَقِلّ عن ستين لأن الشفافية ستصبح مزعجة جداً للقارئ، ولا يزيد عن سبعين لأن الكتاب سيغدو ثقيلاً نسبياً.
وقد اخترنا نحن دائماً الوزن الأعلى، وهو سبعون غراماً، واخترنا في الطبعة الجديدة ورقاً كريميّ اللون، ففي روايات أغاثا كريستي استعملنا ورق “offset woodfree creamy paper”، وفي روايات شيرلوك هولمز استعملنا ورق “bulky woodfree creamy paper”. ونأمل أن يكون اختيارنا موفقاً وأن يحوز رضا قرّائنا الكرام.