أول قصة نشرها دويل كانت في عام 1879، وهي قصة قصيرة عنوانها “إفادة السيد جِفْسون”، أما أول رواية نشرها من بطولة شيرلوك هولمز فكانت “دراسة في اللون القِرْمِزي”، وقد صدرت في بريطانيا عام 1887 فلم يَكَد يُحِسّ بها أحد، لكنها حققت نجاحاً معتدلاً في الولايات المتحدة. وبعدها نشر رواية طويلة ثانية من بطولة شيرلوك هولمز، هي رواية “علامة الأربعة” التي نُشرت عام 1890 فوطّدت شخصيةَ هولمز في بريطانيا وأمريكا على السواء.
في السنة التالية بدأ نشر مجموعة “مغامرات شيرلوك هولمز” في حلقات شهرية في مجلة “ستراند”، بدءاً بقصة “فضيحة في بوهيميا” التي ظهرت في عدد تموز (يوليو) 1891، فقوبلت هذه القصص بنجاح كبير غير مسبوق في تاريخ الصحافة البريطانية، ودخلت هذه الشخصية الخيالية التاريخَ من بابه الواسع، حيث صارت حديثَ المجتمع وشُغلَ الناس في أنحاء البلاد.
وقد بلغ عدد قصص هذه السلسلة اثنتَي عشرة، نُشر آخرها في عدد حزيران (يونيو) من عام 1892. ثم ظهرت سلسلة “مذكرات شيرلوك هولمز” التي نُشرت في اثنتَي عشرة حلقة أيضاً صدر أولها في كانون الأول (ديسمبر) 1892، ويبدو أن دويل بدأ يملّ عندئذ من كتابة قصص شيرلوك هولمز، ولذلك “قتله” في آخر قصة من هذه المجموعة في معركة مع البروفسور موريارتي الشرّير عند شلالات رايشِنْباخ في سويسرا!
وقد نُشرت هذه القصة، وعنوانها “المشكلة الأخيرة”، في كانون الأول (ديسمبر) عام 1893.
وثار جمهور دويل غضباً وانهالت عليه ألوف الخطابات تستنكر عمله وخسرت المجلة عشرين ألف اشتراك، ولكن دويل تمسّك بموقفه، فقد شعر بأن شيرلوك هولمز يَحول بينه وبين أعمال أكثر أهمية. ثم وافق أخيراً بسبب الإلحاح الذي لم ينقطع على إعادة إحياء شيرلوك هولمز، فأعاده إلى العمل في قصة “مغامرة المنزل الفارغ” التي نُشرت في مجلة “ستراند” في تشرين الأول (أكتوبر) عام 1903.
وعاد شيرلوك هولمز إلى الأضواء من جديد، فقد تبيّن أنه لم يُقتَل على الإطلاق، وفي تلك القصة (المنزل الفارغ) شرح دويل كيف نجا هولمز من الموت بأعجوبة، ثم شقّ طريقه بعد ذلك إلى بلاد التبت لمساعدة اللاما الكبير، ثم عاد إلى لندن ليحقق في وفاة ابن أحد اللوردات بطريقة غامضة. وقد أثارت عودة شيرلوك هولمز في مجلة “ستراند” في بريطانيا ومجلة “كولْيِرْز” في أمريكا حماسة بالغة في نفوس عشّاقه المخلصين وحققت للمجلتين مبيعات غير مسبوقة. واستمر نشر سلسلة “عودة شيرلوك هولمز” (التي بلغ عدد حلقاتها ثلاث عشرة حلقة) حتى كانون الأول (ديسمبر) 1904.
وكان دويل قد نشر قبل هذه السلسلة روايةَ شيرلوك هولمز الطويلة الثالثة، “كلب باسكرفيل”، وقد استمر نشر حلقاتها من آب (أغسطس) 1901 إلى نيسان (أبريل) 1902، وهي أشهر روايات شيرلوك هولمز على الإطلاق.
وبعدها صدرت سلسلة “ذكريات شيرلوك هولمز: الظهور الأخير” التي تضم سبع قصص نُشرت على حلقات متباعدة بين أيلول (سبتمبر) 1908 وكانون الأول (ديسمبر) 1913. ثم الرواية الطويلة الرابعة “وادي الرعب” (9/1914-5/1915) التي حازت على إعجاب النقّاد في كل الأوقات. وأخيراً سلسلة “قضايا شيرلوك هولمز” (10/1921-4/1927) التي نُشرت آخر حلقاتها بعد أربعين سنة تماماً من صدور أولى روايات شيرلوك هولمز.
ولم تقتصر مؤلفات آرثر كونان دويل على قصص وروايات شيرلوك هولمز، فقد ألّف كتباً كثيرة غيرها، منها روايات تاريخية ورومَنْسيّة ومسرحيات، بالإضافة إلى عدد كبير من الكتب غير الروائية.
والحقيقة أنه كان كاتباً غزير الإنتاج، فقد بلغ ما تركه من مؤلفات نحو مئة وستين، منها ستّون من قصص وروايات شيرلوك هولمز، وخمس روايات من بطولة شخصية خيالية أخرى ابتكرها هي شخصية عالِم اسمه البروفِسور تشالنجر (أشهرها رواية “العالَم المفقود”) ونحو أربعين رواية من الروايات المتنوعة، بالإضافة إلى عشر مسرحيات وأربعة دواوين شعرية، وأكثر من خمسين كتاباً وكتيّباً في الشؤون الاجتماعية والسياسية والعسكرية، وكتاب ذكرياته الجميل الذي سمّاه “ذكريات ومغامرات”.