أتمنى أن تصل كلماتي الصادقة إلى كل من يعمل في هذه الدار من مديرين ومترجمين ومحررين.
في الحرب، حيث لا عمل للمدني سوى البقاء أسيراً لمخاوفه وهواجسه و أسيراً للإجازة القسرية يغدو الوقت متباطئاً ثقيلاً يجثم على روحك. وفي الوقت القليل الذي تهدأ فيه المدافع تجد لديك بعض الوقت لتمضيه، ولن تجد أفضل من كتابٍ سُطرت حروفه بعناية واتقى صانعوه الله في عملهم.
الليلة الماضية اكتشفت في مكتبتي رواية لأغاثا كريستي كانت هدية من الدار عندما ابتعت -بعد كثيرٍ من العناء وعن طريق الأردن- السلسلة الكاملة لروايات هولمز قبل عامين. وقد أنساني اهتمامي بقراءة سلسلة هولمز هذه الرواية، ومع الفراغ المصاحب للحرب وجدتها فقررت أن أمضي الوقت في قراءتها في ضوء الشمعة في غرفتي السفلية التي أتخذها ملجأً في وقت الحروب.
وبدأت بقراءة مقدمة الناشر والمحرر فهالتني روعتها وكيف اعتنت الدار بأدق التفاصيل في الكتابة والترجمة والصف والتحرير. كل شيء أعجبني حتى الأسلوب الذي كُتبت فيه المقدمة بتلك العربية التي تلتمس الأسلوب والمفردات العربية العتيقة (الكلاسيكية) الأثيرة إلى روحي.
فأردت تسجيل الإعجاب والشكر، وأن أبين لكم أن هناك من يقدّر عملكم وجهدكم واجتهادكم، وكل ما أتمناه منكم أن يحافظ أمثالكم من حراس العربية العتيدة على وجوده في هذا الزمن الذي أصبحت فيه اللغة غريبة عن أهلها. أرجوكم حافظوا على وجودكم ولا تنقرضوا، وانقلوا خبراتكم وأمانتكم تجاه اللغة العربية الأصيلة وخوفكم عليها إلى الأجيال القادمة، واعلموا أنكم على ثغر مهم من ثغور الأمة.
محبكم من غزة “م ث”
جواب الأجيال
الأخ الكريم
السلام عليكم ورحمة الله، سلاماً خاصاً نرسله إليك وإلى أهلنا الأحبة في غزة، مع شكر وتقدير واعتزاز برسالتك لا يقل عن اعتزازنا بصمود غزّة العزة والشرف والبطولة والكرامة والفداء.
أردنا أن نجيبك فلم نجد غير الدموع، ويا له من جواب هيّن سخيف في جنب التضحيات الهائلة التي تقدمونها كل يوم:
وشرُّ سلاح المرء دمعٌ يفيضه *** إذ الحربُ شبَّت نارُها بالصوارم
ما أصعبَ أن يقف المرء أمام هذه الفاجعة العظيمة بعيداً عاجزاً لا يقدر على أكثر من التعاطف والدعاء!
أما القطعة الأدبية الراقية التي أكرمتَنا بها فلا نكاد نقوى على منع أنفسنا من نشرها نشراً عاماً لنشارك بها قراءنا الكرام، مع دعائنا بأن يحفظك الله ويحفظ أهلنا الكرام جميعاً من كل شر وضر وبلاء