لقد ألزمنا أنفسَنا -منذ اليوم الذي وُلدت فيه “دار الأجيال”- ببذل غاية الجهد الممكن وصولاً لأعلى درجات الإتقان. ولا ريب أننا نتعب كثيراً وننفق كثيراً لتحقيق المستوى المأمول، ولكننا نشعر بالرضا الكامل عندما نرى أثرَ عملنا وجهدنا في الكلمات الجميلة التي يَمُنّ بها علينا أصدقاؤنا القراء وفي ثنائهم الصادق الذي يغمروننا به بين حين وحين. ومن هذا الباب هذه الرسالة الجميلة التي استرجعنا بها رأسَمالنا كاملاً مع الأرباح، والتي أحببنا مشاركة قرائنا بها بدلاً من إرسال جواب خاص لكاتبتها، صديقة “الأجيال” العزيزة ذات اللباقة المتميزة واللطف الشديد.
تقول صاحبة الرسالة: “أكتب إليكم لا لشيء إلا لشكركم من أعماق قلبي على طباعتكم روايات أغاثا كريستي بهذه الصورة الرائعة، بدءاً بحجم الكتاب وجودة طباعته وانتهاء بحجم الخط والمساحات المريحة التي اخترتموها بين الأسطر والفقرات، فأنا من ضعاف البصر وكنت أعاني كثيراً بالقراءة، لكن بعد الحصول على الرواية من داركم أحسست بفرق كبير. شكراً من القلب، شكراً جزيلاً”.
هذه الكلمات الرقيقة شجّعتنا على مشاركة أصدقائنا القراء بقصتنا مع “تنسيق الكتب” والطريقة التي وصلنا بها إلى اختيار الحرف واعتماد مسافات الأسطر والفقرات، وهو أسلوب قياسي لكل كتب الأجيال، بدأنا به مع أول مجموعة نشرناها سنة 1999 وما يزال هو نفسه الأسلوبَ المعتمَدَ في كل كتبنا إلى اليوم.
كما أخبرنا قرّاءنا الأعزاء في أكثر من منشور سابق: نحن قراء قبل أن نكون ناشرين، ولم يحصل أن قبلنا في فريقنا أحداً ليست له علاقة عشق بالكتاب وانتماء حقيقي لعالم الأدب. وكل قارئ من القراء يستطيع أن يروي حكايته مع القراءة ويتحدث عن الكتب التي يريحه حرفُها وتنسيقها وتلك التي يزعجه فيها كل شيء، من شكل الخط وحجمه إلى توزيع المسافات الفاصلة بين الأسطر والصفحات.
لأننا مررنا بتجارب مشابهة (كما هو شأن أكثر القراء) فقد قررنا -قبل طباعة أول كتاب من كتبنا- أن نقدم لقرائنا أفضل خط وأفضل تنسيق ممكن، فاختبرنا أكثر من 100 كتاب طُبعت بخطوط وتنسيقات مختلفة، وبعد تجارب ذاتية واستشارات موسعة اخترنا الحرف والتنسيق الذي ترونه في منشوراتنا كلها.
فأما حجم الخط وطريقة تنسيق الأسطر والصفحات فإنها عناصر ظاهرة لا تحتاج لتوضيح، ويبقى الخط، ما هو؟ وكيف اخترناه؟ وكيف حصلنا عليه؟ لكي نعطي الجواب حقه لا بد أن نقدم بمقدمة توضيحية عن الخطوط العربية والخطوط الطباعية (التي تسمى فونطات)، وهو ما سنصنعه في المنشورات الآتية بإذن الله.